من الصعب الإلمام والإحاطة بالدور الذي تلعبه المرأة بالبوادي والقرى المحاطة لمدينة زايو، في الحفاظ على المروث الثقافي المحلي، إضافة إلى المساهمة في التنمية الإقتصادية و المشاركة المباشرة في هذا المجال.
وما يجب الإشارة إليه، هو أن المرأة القروية، يجب أن تمنح لها عناية كبيرة بكونها العنصر الأساسي في حماية الثقافة، الحضارة واللغة، كما أنها تسجل حضورا مهما في كل قلب عمليات الإنتاج، فإذا كان دور التنموي للمرأة الحضرية يتجلى في كونها تقدم خدمات إجتماعية، صحية وتعليمية .. إلخ، فإن المرأة في البادية تساهم بقسط كبير في مسلسل الإنتاج، خاصة المرأة القاطنة بسهب صبرة التي تشارك الرجل في جميع الأشغال الفلاحية، من غرس وجني وتربية مواشي.
ومما لا يخفى على أحد، أن جميع المنتوجات الفلاحية المحلية التي تعرض في أسواق مدينة زايو خاصة الخضر والفواكه، ساهمت المرأة القروية بشكل كبير في عملية قطفها وإعدداها، لتكون مطروحة للبيع في الأسواق بالشكل المطلوب.
هذا كل ما يصنفها أن تكون عنصرا فعالا في التنمية المحلية، مقابل الدور الذي تقوم به داخل قبيلتها، ومسؤوليتها طبعا تختلف من منطقة لأخرى بحكم تباين العادات والأعراف.
إن المرأة القاطنة خارج المدار الحضري، تتوفر على مؤهلات ثقافية وطاقة إبداعية غنية وهي تجسد هذه الطاقة، بشكل عفوي، في كل ما تقدمه وما تنتجه من منتوجات حرفية، سواء تعلق الأمر بالمنتوجات التقليدية أو النقش بالحناء.
هذا ما يجعلنا نعيب عن الجمعيات والمنظمات التي تعنى بالشأن النسوي داخل المجال الحضري لمدينة زايو، عدم توليها أي إهتمام لهذه الشريحة العريضة من المجتمع التي تعاني في صمت، فبدل أن تتفقد هذه الجمعيات أحوال المرأة في البادية، تبقى هي مكتوفة الأيدي مع إقتصار العمل داخل مجال المدينة فقط، وإقصاء المرأة القروية التي هي في حاجة ماسة للرعاية والعناية.
ومن أجل أن تكون للجمعيات التي تعنى بشؤون المرأة مصداقية في حراكها وأنشطتها، حبدا لو تفكر في تشكيل خلية تعنى بهموم هذه الأخيرة، وذلك بإشراكها في جميع المبادرات الخاصة بالتنمية، كدعم أعمالها اليدوية بمنتوجات أولية والعمل على حفاظ مورثها الثقافي والصناعي ومساعدتها فيما هو يعتبر تقصير في حقها، خاصة أنها تعاني من حالات مرضية عدة تفتقر فيها الى توعية صحية شاملة من لدن المختصين.
إن للمرأة في البادية معاناة ومأساة حقيقية ولا أحد يسمع أنينها الذي يصيب المرء بشعور فادح بالذنب، مع أن هذه الأخيرة تحمل نصيبا وافرا من رموز القبيلة الثقافية، وهي تلتزم بممارسة مجموعة من الطقوس وتعمل على حفاظ النسق الثقافي للقبيلة، لذا يجب أن نولي عناية خاصة للمرأة المتواجدة بالبادية تحديدا، لكونها من ساهم وعبر العصور في بناء والحفاظ على كيان هوية وشخصية المنطقة.