إثري ن ريف

زايو…التغيير…والسكتة القلبية

rachid bouhaddouzزايوسيتي: بوهدوز رشيد

التغيير شعار رنان ينشده الجميع، فطبيعة الإنسان تسعى دائما نحو التجديد والتغيير نحو الأفضل، فنظرية الإنتقاء الطبيعي أي بقاء الأصلح وتنحي السالب هي الضمان الوحيد لإستمرار أي مجموعة من الكائنات الحية من البكتيريا للإنسان، وجمود هاذا المبدأ يعني بالضرورة فناء النوع.
إن الأمة التي لا تستطيع إنجاب أجيال تحمل المشعل للمضي قدما هي أمة عاقرة، وهذا ينطبق على مدينة زايو التي لم تتغير الوجوه السياسية فيها تقريبا لنصف قرن، وهي المدة التي قضاها رئيس المجلس البلدي لزايو كحاكم للمدينة متجاوزا بذلك أعتى الدول الدكتاتورية بالعالم.
نحن هنا لسنا بصدد الإنتقاص من حكمة ودهاء السيد ” الطيبي محمد ” وتجربته الواسعة وكذا القاعدة الجماهيرية العريضة التي عجز أعداؤه عن إستمالتها مهما بذلو من مال ومجهود وهذا إن دل على شيء فإنما يدل أن الماسك بزمام الأمر بزايو سياسي من الطراز الرفيع وإنسان يجيد فن الحوار والتواصل، وهاته شهادة حق يعترف بها خصومه قبل أنصاره، فما سر هذا الإجماع الذي يتمتع به المعلم السابق والحاكم المطلق لمدينة زايو؟

العامل القبلي
إن الطيبي كان ذكيا جدا بخصوص لعب الورقة العصبية القبلية لضمان أصوات أفراد قبيلة أولاد ستوت، فرغم كون هاته القبيلة أقلية ( القبيلة لا ساكنة الجماعة ) بمدينة زايو عددا إلا أنها تشكل نقطة حاسمة في حسم الصراع الإنتخابي بالمدينة حيث تم إستغلال هاته النقطة لإرهابهم وتخويفهم من المستقبل كون الآخر سيحكمهم ( كبدانة ) إن لم يهبو لنصرة مرشحهم، لذا فيمكننا القول أن التصويت لصالح الطيبي لأفراد القبيلة كان واجبا مقدسا ويعتبر المقصر عنه منبوذا وتتم عداوته من طرف الجميع ( فلم يشذ عن هذا الإجماع سوى أفراد قلائل لهم عداوة شديدة مع مرشح القبيلة) وربما سجلت بين أفراد القبيلة أعلى نسب التصويت وطنيا فحتى المقعدون والمرضى وكبار السن يتم حملهم حتى الصندوق لأداء الواجب المقدس عكس في قبيلة كبدانة التي نسبة العزوف فيها عن الإنتخابات مرتفعة ولا يملكون الحافز لحثهم على التصويت، هاته الكتلة الناخبة إستفاد منها الطيبي رغم أنها ليست أغلبية لكنها مضمونة. مع أن السيد الرئيس حسب روايات من المضطلعين على أنساب القبيلة أنه من أصل آيت يزناسن ببركان وهاجرت عائلته قديما للمنطقة، وهذا ما يبعد الطابع العرقي ويجعلنا أمام تحالف قبلي مشروع ويحسب له.

الأعيان
بما أن الطيبي إعتمد على عصبية قبلية تعتبر أقلية عددا كان لازما عليه نسج شبكة من العلاقات المتينة مع أعيان القبائل المنافسة خصوصا قبيلة ( شبذان ) وأعيان قبائل الريف الأخرى المستقرة بزايو، هاته الشبكة التي نسجها الطيبي بإحكام ضمنت له ولاء الحلفاء وعائلاتهم ومداشرهم، فكانت أصواته من داخل قبيلة شبدان تفوق أصوات مرشح القبيلة نفسها، وهذا إن دل فإنما يدل على كون السيد الطيبي سياسي كبير ويجيد تحريك أوراق اللعب، فليس من السهل أن تكسب تعاطف وأصوات الجهة المنافسة لك قبليا وعرقيا، يمكننا القول أن الطيبي طبق مبدأ العصى والجزرة على الأعيان، فإستفاد جل المتحالفين معه ماديا ومعنويا وكان لهم السبق في إحتكار العديد من القطاعات المدرة للثروة وخصوصا العقار، فصار التقرب من السيد الرئيس يعني بالظرورة تطليق الفقر والحاجة طلاقا ثلاثا لا رجعة فيه.
كما أن الطيبي كان أكثر قربا من الجماهير، وأكثر دهائا، فالكبداني يحس بالطيبي أقرب له من مرشحهم ( الحدوتي مثلا ) حيث أن الطيبي كلما جمعه الموقف مع أهل كبدانة أو باقي الريفيين إلا وكلمهم بأمازيغيتهم عكس مرشحهم الذي يتعالى عنهم ويكلمهم بغير لسانهم في تناقض صارخ.

ضعف المنافسين
إن المنافس الرئيسي للسيد الرئس كان هو الداعم الرئيسي له، فالمشاكل الشخصية ( وجميع الساكنة تعرف سبب الجفاء بينهما ) هي من دفعت صديق الأمس للتحول لعدو اليوم وأن يقسم بأغلض الأيمان أن يسقطه على عرش البلدية مهما كلفه الثمن، متناسيا أن مدينة زايو يسكنها الرجال لا البهائم لتقطف رؤوسهم في سوق النخاسة، فليس هنالك مشروع للتغيير سوى إسقاط مشاكل شخصية على السياسة بالمدينة، وهذا ينطبق على جل معارضي الرئيس بالمدينة ، فهذا له مشاكل عائلية معه وذاك مشاكل بالإرث والآخر مشاكل بالتجارة … ولا نستطيع أن نجزم بكون هنالك معارضة حقيقية ومبدئية تروم التغيير وفقط وإن وجدت فصوتها خافت ومحصور.

إيكون الخير
هاته الكلمة السحرية كانت مفتاح السيد الطيبي لقلوب الآلاف من ساكنة زايو، حيث لم يذكر أحدا أنه عاد خائبا من حضرته وهو يقصده في خدمة أو مصلحة أو مساعدة، السيد الطيبي ( عكس منافسيه ) يسارع بتقديم يد المساعدة للجميع، فلا يغلق هاتفه بعد الفوز بل يستمر بالتعامل مع المواطن بنفس الشكل، يقضي المصالح ويحل الملفات الشائكة وإنسان يعول عليه خصوصا لمن يقصد العاصمة الرباط من ساكنة المدينة لأجل التطبيب أو الإدارات، الجميع يشهد له بهذا في مدينة زايو ( حتى خصومه السياسيين ) وبهذا كسب قلوب الناس، ولا ينافسه بهذا في مدينة زايو سوى السيد ( قدوري محمد ) رئيس غرفة الصناعة التقليدية بالناظور سابقا.

إن العوامل السابقة وكذا الدهاء السياسي جعل السيد الطيبي محمد يتربع على عرش زايو بدون منافس، وجعله يحصد أغلبية مقاعد المجلس البلدي بزايو محطما كل المعارضين له بصناديق الإنتخاب، فهل نساء زايو عقرن أن تنجبن خليفة يحمل المشعل؟ أم أننا سننتظر من حاكم المدينة أن يعين لنا وليا للعهد ووريثا لعرش البلدية؟

السيد الرئيس

نحن لا نشكك في كفائتك ودهائك لكننا نقول: بقدر ما نحترمك ونقدرك، تنحى وأنت في عز قوتك وتخرج من النزال مرفوع الرأس كالأبطال، فمدينتنا بحاجة لنفس جديد، ولقد إسودت أبواب التغيير في وجه الشباب.




رشيد بوهدوز

المنسق الوطني لأكراو من اجل الامازيغية | عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة | كاتب رأي

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. شتان ما بين الثرى والثريا.
    سي الطيبي انسان طيب ويحب المدينة وأبناء المدينة. ونحن نحبه كذلك. نتمنى له الإستمرار وموفور الصحة والعافية فلولاه لكانت زايو مجرد قرية بدون اي شيء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى